التبليغ في القانون المغربي

التبليغ في القانون المغربي
 

التبليغ في القانون المغربي 

 
   يعتبر حق الدفاع حقا مقدسا و ركيزة أساسية في القانون الإجرائي، ويحرص العمل القضائي أشد الحرص على احترامه، و يهدف حق الدفاع إلى تحقيق المساواة
في المراكز الإجرائية للأطراف أمام المحاكم، وإذا اختلت هذه المساواة
اختلت فكرة العدالة، لدا بات من الضروري والواجب إتاحة الفرصة للخصوم
للتعبير عن وجهة نضرهم فيما قدمه كل منهم في مواجهة الآخر، وذلك بتمكينهم
من مناقشته، و دحضه أملا في إقناع المحكمة بإصدار حكمها لصالحه ،ومن أهم
حقوق الدفاع الحق الذي يهدف إلى إخبار الخصم بما سيتخذ في الخصومة من
إجراءات، وما يطرح فيها من طلبات، ودفوع، وأوجه الدفع حتى يتمكن من الرد
عليها أو يتخذ في شأنها الموقف المناسب لمصلحته ولن يتأتى له ذلك إلا عن
طريق التبليغ إليه .
 
   والتبليغ يعتبر من أهم مراحل المسطرة حيث يؤدي عدم التبليغ أو التبليغ غير
القانوني إلى بطئ وتأخير في الإجراءات وبالتالي التأجيل في النطق بالحكم. 
   لذا يتعين على المبلغ أن يسهر بنزاهة وجدية على تبليغ جميع الأحكام و
الاستدعاءات في أجلها القانوني وإرجاع شواهد التسليم قبل انعقاد الجلسة
ليتأتى لكاتب الجلسة ترتيبها و إدخال بعض الملفات المدرجة بالجلسة و تتجلى
هذه الأهمية في جميع مراحل المسطرة بحيث إن لم يبلغ الاستدعاء لا يمكن
للقضاء أن يقول كلمته وإذا لم يقع تبليغ القرارات والأحكام لا يمكن للأطراف
أن تطلع عليها لاستعمال حق الطعن الذي ينص عليه القانون.


   إن عملية التبليغ إجراء قانوني محدد زمنيا يعطي للمحكوم له فرصة الحصول على حقه وللمحكوم عليه فرصة الدفاع عن هذا الحق .
إذن ما المقصود بإجراءات التبليغ؟
 
إجراءات التبليغ

 

سنناول في هذا المبحث تعريف التبليغ( المطلب الأول) و أنواعه( المطلب الثاني ) و طرقه (المطلب الثالث).

المطلب الأول: تعريف التبليغ

التبليغ أو الإعلان بصفة عامة هو إجراء محله إخبار المعني بالأمر بشيء معين
، والتبليغ القضائي يقصد به تلك العملية القانونية بين المبلغ والمبلغ
إليه ومصلحة التبليغ، أو تلك الشكلية التي يتم بواسطتها إعلام المبلغ إليه
بالإجراءات التي تتخذ ضده.
وتبليغ الاستدعاء هو إعلان قانوني عن بداية الخصومة أو عن إجراء مسطري محدد
زمنيا ويتشكل فعليا في إيصال واقعة قانونية إلى علم المبلغ إليه:
– ليكون موجودا بالجلسة وليهيئ مواجهته مع الخصم.
– ليناقش الدعوى التي تمكنه من الوصول إلى مرماه في التقاضي.
– لتفرض عليه التزاما عليه تنفيذه أو القيام به .
أما تبليغ الحكم أو القرار الصادر في الدعوى فهو إعلام المحكوم عليه
بصدور الحكم في حقه إما لينفذه طوعا أو لينهج فيه سبل الطعن المتاحة.
فالتبليغ إذن مرتبط بمبدأ المواجهة الذي يقوم على عدم جواز اتخاذ أي إجراء ضد شخص معين دون إعلامه به وإعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه.
وحرصا على حقوق الأطراف وحمايتها فقد جعل المشرع تقنية التبليغ تتسم
بالشكلية، فهي لا تكون صحيحة وقانونية إلا إذا تمت بواسطة الجهات التي أوكل
لها القانون تلك المهمة وداخل الآجال التي حددها القانون ولذلك يمنع على
الخصوم القيام بها وإلا كانت باطلة .
وتكمن أهمية التبليغ في عدم جواز احتجاج المبلغ بجهله لما تم تبليغه به حتى
أن بعض الفقه اعتبر حجية التبليغ كحجية نشر التشريع بالجريدة الرسمية إذ
لا يجوز الاعتذار بجهل ما تم تبليغه قياسا على قاعدة عدم الاعتذار بجهل
القانون.
لكن يجب التذكير بأن التبليغ الذي يكتسي الحجية المذكورة هو ذاك المستجمع لكل البيانات والشكليات المنصوص عليها قانونا وهي:
1- الأسماء العائلية والشخصية ومهنة وموطن أو محل إقامة الطرفين، ولهذا
البيان أهمية قصوى في تحديد الاختصاص المكاني، فضلا عن أنه يحدد الآجال
بحسب وجود موطن المبلغ في المغرب أو في الخارج ، إلى جانب ذلك يساعد البيان
المذكور الطرف المدعى عليه على معرفة خصمه الذي رفع الدعوى ضده، ولا يخفى
أن لمعرفة الخصم في النزاع أهمية بالغة، إذ تجعل المدعى عليه مستعدا للرد
على ادعاءات المدعي بالوقائع والقانون على حد سواء .
2 – موضوع الطلب، وهذه الشكلية في أهميتها لاتقل عن البيان السابق، إذ
بمقتضاها يتوصل الطرف المبلغ (المدعى عليه) إلى طبيعة النزاع الذي أصبح
طرفا فيه، هل هو مدني أم جنائي، وإذا كان مدنيا هل هو متوصل بالعلاقات
المالية بالأسرة، وكل هذا ذو أهمية خاصة يساهم في تأهب واستعداد المدعى
عليه لإعداد الدفاع عن نفسه.
3- المحكمة التي يجب أن تبت في النزاع، وتكمن خصوصية هذا البيان في
الحيلولة دون معانات المتقاضين من مشاكل الاختصاص، فبيان المحكمة المختصة
يجعل من السهل على الطرف المبلغ اللجوء إلى المحكمة التي عليه أن يمثل
أمامها دفاعا عن حقوقه ومصالحه دون مشقة وعناء.
4 – يوم وساعة الحضور.
5 – التنبيه إلى ضرورة اختيار موطن في مقر المحكمة عند الاقتضاء، وهذه
شكلية ترمي إلى الحد من مزاعم بعض الأفراد وادعاءاتهم بعدم توصلهم بالتبليغ
لعدم توفرهم على إقامة يراسلون ويبلغون فيه، فمتى تم تنبيه المبلغ باختيار
موطن –وغالبا ما يكون لدى محام- أصبح يسيرا استدعاؤه و الاتصال به كلما
اقتضى الأمر ذلك.
ولا تكفي البيانات السابق ذكرها لاعتبار تبليغ الاستدعاء صحيحا، وإنما لابد
من أخذ مقتضيات الفصل 39 من ق م م بعين الاعتبار، إذ ينص هذا الفصل على
أنه:
ترفق بالاستدعاء شهادة يبين فيها من سلم له الاستدعاء. وفي أي تاريخ، ويجب
أن توقع هذه الشهادة من الطرف أو من الشخص الذي تسلمها في موطنه.وإذا عجز
من تسلم الاستدعاء عن التوقيع أو رفضه أشار إلى ذلك العون أو السلطة
المكلفة بالتبليغ، ويوقع العون أو السلطة على هذه الشهادة في جميع الأحوال
ويرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة.
إذا تعذر على عون كتابة الضبط أو السلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم
العثور على الطرف أو أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في
الشهادة التي ترجع كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر .


المطلب الثاني: أنواع التبليغ

 

تجدر الإشارة إلى أن التبليغ إما أن يكون تلقائيا أو بناء على طلب،
فالتبليغ القضائي يتم بالجلسة أو بواسطة التبليغ بالمحكمة إلا أنه وقع
العدول عنه بمقتضى قانون 5 /10/1984 المتعلق بتعديل فصول
428-429-433-435-440 وأصبح التبليغ بناء على طلب من أحد الخصوم أو ممن له
المصلحة في ذلك مع أداء واجبات التبليغ للعون القضائي .
الفرع الأول:التبليغ التلقائي:

 

قد يقع التبليغ إثر صدور الحكم وداخل الجلسة وذلك في الحالات المقررة
بمقتضى القانون وهو ما يعرف بالتبليغ التلقائي أو بتبليغ الأحكام بالجلسة،
وقد أشارت إلى ذلك الفقرة 2 من المادة 134 من ق م م وهي الحالة التي يحضر
فيها الأطراف وقت صدور الأمر الإستعجالي .
فقد نص الفصل 54 من ق م م على القاعدة العامة لتبليغ الأحكام الصادرة عن
القضاء الابتدائي حيت جاء فيه ما يلي; يرفق تبليغ الحكم بنسخة منه مصادق
على مطابقتها لهذا الحكم بصفة قانونية .ترسل وتسلم طبق الشروط المحددة في
الفصول 37 و38 و39. وإذا تعلق الأمر بتبليغ إلى قيم، وقع ذلك ضمن المقتضيات
المشار إليها في الفصل 441.
فبعد صدور ظهير رقم 182.222 بتاريخ 15/10/84 المتضمن الأمر بتنفيذ القانون
رقم 18.82 طرحت إشكالية التبليغ التلقائي فيما يخص احتساب أجل الطعن ودون
أداء المصاريف.
بينما حين يتعلق الأمر بإعذار المحكوم عليه بأن ينفي بما قضى به الحكم أو
يعرف بنواياه طبقا للفصل 440 من ق.م.م فينبغي أن يتم بناء على طلب من
المستفيد من الحكم. إلا أن الواقع العملي يؤكد أن جل كتابات الضبط تذهب إلى
اعتبار كلا النوعين من التبليغ ( سواء فيما يتعلق باحتساب أجل الطعن أو
الإعذار ). ينبغي ان يتم بناء على طلب من المستفيد من الحكم.
إضافة إلى أن طريقة التبليغ بالجلسة المنصوص عليها في الفصل 50 من ق م م
الذي جاء فيه: يبلغ كاتب الضبط حالا عند صدور الحكم ومعاينة حضور الأطراف
ووكلائهم بالجلسة الحكم الذي صدر ويسلم لهم نسخة من منطوق الحكم ويشار في
آخره إلى أن التبليغ والتسليم قد وقعا لازالت تثير العديد من الإشكالات لها
انعكاسات على سير المسطرة ولا تفي بالغرض المطلوب رغم أن المشرع قصد منها
الإسراع في إنهاء النزاع حتى يتم التنفيذ .
الفرع الثاني:التبليغ بناء على طلب:

 

مباشرة بعد صدور الحكم وتوقيعه من طرف الهيئة المصدرة له يتقدم المستفيد من
الحكم إلى كتابة الضبط بطلب يطلب فيه نسخا بعدد المحكوم عليهم ويسهر مكتب
التبليغ على ذلك حيث يفتح ملف تبليغي ثم يشرع في مسطرة التبليغ حالا لسريان
آجال الطعن . ويكون تاريخ تبليغ الحكم هو المعتبر كتاريخ بداية لاحتساب
الآجال حتى بالنسبة لطالب التبليغ.
وقد أكد المجلس الأعلى على هذه القاعدة في قراره الصادر بتاريخ 06/06/95
تحت عدد 716 والذي جاء فيه أنه إذا تم تبليغ القرار من الخصم فإن مواعيد
الطعن تبدأ بالنسبة للمبلغ إليه من تاريخ التبليغ على حد سواء وذلك وفقا
لقاعدة نسبية الآثار المترتبة على إجراءات التبليغ.
وكقاعدة عامة تسري آجال الطعون ابتداء من تاريخ التبليغ طبقا للقانون غير
أن لهذه القاعدة بعض هذه الاستثناءات وتتجلى هذه الاستثناءات :
1. طلب تقديم المساعدة القضائية أمام المجلس الأعلى:
فقد نص على ذلك الفصل 358 من ق م م على أن اجل الطعن يوقف ابتداء من إيداع
طلب المساعدة القضائية بالمجلس الأعلى ويسري هذا الأجل من جديد من يوم
تبليغ مقرر مكتب المساعدة القضائية للوكيل المعين تلقائيا ومن يوم تبليغ
قرار الرفض للطرف عند اتخاذه.
2. تغيير أهلية احد الأطراف:
حيث تنص المادة 139 من ق م م على انه إذا وقع أثناء اجل الاستئناف تغيير في
أهلية احد الأطراف أوقف الأجل و لا يبتدئ سريانه من جديد إلا بعد 15 يوما
من تاريخ تبليغ الحكم لمن لهم الصفة في تسلم هذا التبليغ.
3. وفاة احد الأطراف:
ينص الفصل 138 من ق م م على أن وفاة احد الأطراف توقف اجل الاستئناف لصالح
ورثته ولا تقع مواصلتها من جديد إلا بعد مرور اجل 15 يوما من تاريخ تبليغ
الحكم للورثة بموطن الشخص المتوفى طبقا للطرق المشار إليها في الفصل54 من ق
م م.
4. التبليغ الباطل:
إن التبليغ الصحيح يقتضي شكليات معينة يجب بيانها في الحكم وآلا اعتبر
التبليغ باطلا يتوقف معه سريان اجل الطعن وهكذا فان قرار التبليغ الباطل في
أوامر الأمر بالأداء يوقف سريان موعد الطعن كما أن توصل المحامي بنسخة من
الحكم وفق طلبه لا يعتبر تبليغا قانونيا لان التبليغ القانوني لا يكون إلا
لأطراف الدعوى وانه لا محل للمحامي في تبليغ الأحكام خارج قاعدة المحكمة.
كما أن تبليغ الحكم بواسطة محامي الطرف هو تبليغ غير صحيح و لا تترتب عنه
أثار قانونية عملا بمقتضيات المادة 137 من ق م م.

المطلب الثالث: طرق التبليغ.

بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 37 من ق م م نجده حدد طرق التبليغ سواء تعلق الأمر بقرار أو حكم أو استدعاء ووفق ما يلي:
أولا- التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط .
ثانيا-التبليغ عن طريق البريد المضمون.
ثالثا-التبليغ عن طريق الأعوان القضائيين.
رابعا- التبليغ بالطريقة الإدارية.
خامسا-التبليغ بواسطة القيم.
سادسا- التبليغ عن الطريقة الدبلوماسية.
سابعا-التبليغ الإلكتروني.
بعد سرد محتوى نص الفصل 37 سوف نتطرق إلى كل طريقة من طرق التبليغ بالشرح والتفصيل.
أولا :التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط
إن المشرع المغربي أعطى لهذه الطريقة الأسبقية في التبليغ عن باقي أنواع
التبليغ الأخرى بذكرها هي الأولى معروفة إذ يقوم عون التبليغ بإبلاغ الحكم
إلى الشخص المراد التبليغ له في المكان الذي يوجد بدائرة نفوذ المحكمة،
وإذا تعلق الأمر بتبليغ للمحامي فإن هذا الأخير أو كاتبه هو من يتولى تسلم
طي التبليغ
المختصة لإلحاقها بالملف أو يتوصل بالطي عن طريق وضعه في خزانة خاصة لكل
محام في المحكمة وهذه الطريقة تسهل التبليغ وتوفر الوقت.وعلى كتابة الضبط
والأعوان القضائيين الذي خول لهم الظهير الشريف المتعلق بالأعوان القضائيين
في فصله الثاني صلاحية القيام بعملية التبليغ وفق القانون مع مراعاة
تواريخ الجلسات حتى تنجز الأعمال والإجراءات في وقتها وان أي تبليغ لم ينجز
في وقته المحدد سيؤخر الفصل في الدعوى وتعاد إجراءاتها بسبب عدم التبليغ
وما يترتب عن ذلك من تراكم القضايا على رفوف المحاكم .
ثانيا: التبليغ عن طريق البريد المضمون

 

تعد هذه الطريقة الوسيلة الثانية التي نص المشرع على سلوكها في حالة عدم
الاستدعاء بواسطة الأعوان المكلفين بالتبليغ، بل إنها تعد الوسيلة الأنجع
في التبليغ إذا ما رجعنا إلى الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 39 من
ق.م.م فقد جاء فيهما ما يلي:
إذا تعذر على عون كتابة الضبط أو السلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم
العثور على الطرف أو على أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في
الشهادة التي ترجع إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر .
وحينئذ توجه كتابة الضبط الاستدعاء بالبريد المضمون مع الأشعار بالتوصل.و
يقوم الإشعار بالتوصل الذي يرفق بالطي البريدي مقام شهادة التسليم وتحتسب
الآجال من تاريخ التوصل وقد يرجع الإشعار بملاحظة غير مطلوب. و أن ذلك يعني
نية المبلغ إليه في عدم قبول سحب الرسالة المضمونة من المصلحة المذكورة،
وإذا رجعت الرسالة المضمونة مؤشرا عليها بعبارة غير مطلوب فانه لا يصح
اعتبارها بمثابة توصل كما هو الحال بالنسبة لرفض التسليم، ويعتبر اجتهاد
المجلس الأعلى بان الحكم الذي يعطي لعبارة غير مطلوب صبغة رفض التسليم يكون
مرتكزا على تعليل خاطئ يستوجب النقض .
و تطبيقا لهذه المقتضيات, يمكن القول بأن المشرع المغربي اعتبر التبليغ
عن طريق البريد المضمون إجراء استثنائي لا يمكن اللجوء إليه إلا إذا تعذر
على عون التبليغ أو العون القضائي العثور على المبلغ إليه أو من له الصفة
في التوصل نيابة عنه بموطنه الحقيقي .د هذه ا
ثالثا:التبليغ بواسطة المفوضين القضائيين..

 

حددت المادة 15 من القانون رقم 81.03 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين
القضائيين مهام واختصاص المفوض القضائي والتي من بينها القيام بعمليات
التبليغ، وفي هذا الإطار يتعين على الأطراف أو نوابهم عند تقديم طلبهم
للمحكمة أن يبينوا فيه اسم المفوض القضائي المختار الذي يضع طابعه وتوقيعه
في أعلى الصفحة الأولى من الطلب أو يسلم للمعني بالأمر إشهادا موقعا باسمه
يلتزم فيه بالقيام بالإجراء المطلوب وعندئذ تقوم كتابة الضبط بتسليم
الاستدعاءات وشواهد التسليم والطيات المتعلقة بالتبليغ والوثائق المرتبطة
بها إلى المفوض القضائي بواسطة سجل يعد لهذا الغرض، وبعد إنجاز التبليغ
يرجع المفوض القضائي المرجعات لكتابة الضبط مقابل توقيع وفي حال تعذر
إنجازه للمطلوب يعرض الأمر على رئيس المحكمة أو من ينوب عنه .
والعون القضائي ملزم بالقيام بمهامه وفق القواعد العامة للتبليغ، وقد وفر
له المشرع الحماية القانونية اللازمة أثناء مزاولة مهامه، كما هو الشأن
بالنسبة للموظف العمومي وهو بذلك يتمتع بالحماية الجنائية المنصوص عليها
بالمادتين 263 و 267 وفي مقابل ذلك أوجب عليه بعض الالتزامات التي يتعين
عليه القيام بها، ومن ذلك عدم مباشرته لأي إجراء لنفسه أو لحساب أزواجه أو
أقاربه أو لأي شخص تربطه به مصلحة مشتركة أو متعارضة ( المادة 15 و 16 من
القانون 41/80 ).
رابعا : التبليغ بالطريقة الإدارية.

 

لاشك أن للسلطات الإدارية دورا مهما في القيام بالتبليغ، ذلك أن التبليغ بالقرى والبوادي والمناطق النائية
يرتكز بالأساس على أعوان السلطة (المقدم، الشيخ) بل إن لهؤلاء أهمية كبرى حتى في التبليغ في المجال الحضري .
إن المشرع المغربي لم يبين لنا عناصر السلطة الإدارية التي خول لها القيام
بالتبليغ في الفصل 37 من ق م م إلا إن العمل جرى على إسناد هذه المهمة إلى
الشرطة والدرك الملكي ورجال الشرطة بوزارة الداخلية من شيوخ ومقدمين،
والتبليغ الإداري بواسطة الشرطة والدرك الملكي كثيرا ما تتوفر في شهادة
التسليم التي ترجع إلى المحكمة سائر البيانات اللازمة إلا انه يلاحظ بان
جزءا منها يتعرض للإهمال والتلف ومنها ما يرجع بعد فوات الأجل المحدد أو
الجلسة و ما يعني ذلك من تأخير للقضايا و تراكمها بالمحاكم .وقد أثبتت
التجربة فشل هذه الطريقة لعدة أسباب منها ضعف المستوى التعليمي والتأطيري
لفئة المقدمين والشيوخ، وعدم إلمامهم بالقواعد الأساسية لمسطرة التبليغ مما
يترتب عنه عدة مشاكل تمس إجراءات التبليغ في وقت محدد، وإغفال بعض
البيانات الضرورية كعدم ذكر اسم وتوقيع العون الذي أنجز التبليغ والاكتفاء
بطابع السلطة وبداخله قائد أو خليفة قائد إضافة إلى عدم تفرغ أعوان السلطة
لمثل هذه الإجراءات ، وغير ذلك من العوامل التي تدعو إلى إعادة النظر في
هذه الطريقة.
وللأسف فقد جاء المشروع الجديد لقانون المسطرة المدنية ليكرس من جديد هذه
الطريقة في التبليغ بالرغم من الانتقادات الموجهة لها وبيان قصورها وما
تسببه من مشاكل تؤثر سلبا على إجراءات التبليغ، وهكذا نص المشروع الجديد في
المادة 47 منه على ما يلي: يبلغ الاستدعاء بواسطة أحد المفوضين القضائيين
أو عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل أو بالطريقة الإدارية أو بأي
وسيلة يمكن للمحكمة أن تأمر بها عند الاقتضاء بتبليغ الاستدعاء عن طريق
أحد أعوان كتابة الضبط .
خامسا:التبليغ بواسطة القيم

 

يتم تعيين القيم لتبليغ الاستدعاء في الأحوال التي يكون فيها موطن أو محل
إقامة الطرف غير معروف، ويعين القيم من بين أعوان كتابة الضبط ، وإن كان في
نظرنا أنه يجوز تعيين هذا الأخير من بين الأعوان القضائيين، مادام هؤلاء
مختصين بالتبليغ كذلك.
وتكمن مهمة القيم في البحث عن الطرف، وتقديم المعلومات والمستندات المفيدة
للدفاع عنه، ويساعد القيم في مهمته النيابة العامة والسلطات الإدارية.
وفي حالة ما إذا عرف موطن أو محل إقامة الطرف الذي لم يكن موطنه معروفا،
يخبر القيم القاضي بذلك، ويخطر إضافة إلى ذلك في سبيل رفع النيابة التي كان
يقوم بها القيم لفائدة الطرف ذي الموطن المجهول.
ولتعيين القيم، وقيامه بالتبليغ أهمية قصوى بالنسبة لسريان آجال الاستئناف
أو النقض بالنسبة للأحكام والقرارات المبلغة إلى هذا الأخير، إذ لا تسري
إلا بعد تعليقها في لوحة معدة لهذا الغرض بالمحكمة.
سادسا: التبليغ بالطريقة الدبلوماسية .

 

هذه الطريقة في التبليغ نصت عليها الفقرة الأخيرة من الفصل 37 من قانون
المسطرة المدنية كما نص عليها المشروع الجديد للمسطرة المدنية في الفقرة
الأخيرة أيضا من الفصل 47 وهكذا نص الفصل 37 على مايلي:
إذا كان المرسل إليه يسكن خارج المغرب فإن الاستدعاء يوجه إليه بواسطة
السلم الإداري على الطريقة الدبلوماسية عدا إذا كانت مقتضيات الاتفاقيات
الدولية تقضي بغير ذلك
ويتعين التمييز في هذا الإطار بين التبليغ لمن يسكن ببلد أجنبي لا تربطه مع
المغرب أية اتفاقية للتعاون القضائي، وبين التبليغ لمن يسكن ببلد أجنبي
تربطه مع المغرب اتفاقية ثنائية للتعاون القضائي.
ففي الحالة الأولى يعتبر التبليغ بالطريقة الدبلوماسية إجراءا بطيء المفعول
يمر عبر مراحل كثيرة قصد إنجازه داخل الأجل المطلوب، وفي كثير من الأحيان
لا يتم إنجازه، فتوجيه الاستدعاء مثلا من المحكمة الابتدائية على الطريقة
الدبلوماسية يتطلب بعثه تحت إشراف السلم الإداري إلى محكمة الاستئناف التي
تحيله على وزارة العدل التي تبعثه بدورها إلى الوزارة المكلفة بالشؤون
الخارجية لتبعث به إلى السفارة أو القنصلية المعنية التي تعمل على إرساله
إلى الوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية للبلد مكان التبليغ التي تحيله على
الجهة المعنية حسب أنظمتها الداخلية، وقد تكون هذه الجهة وزارة العدل التي
تعمل على بعثه إلى المحكمة المختصة لتحيله على الجهة التي تتولى التبليغ،
ثم بعد إنجاز التبليغ ترد الوثيقة المثبتة لإنجاز التبليغ أو تعذر إنجازه
بنفس الطريقة. وهو إجراء طويل جدا ومن شأنه أن يؤدي إلى عدم احترام الآجال
المنصوص عليها في الفصل 41 من ق م م.وقد فطنت وزارة العدل لإشكالية التبليغ
تحت إشراف السلم الإداري حيث أصبح الاستدعاء يوجه مباشرة من طرف الوكيل
العام للملك لدى محكمة الاستئناف إلى البعثة الدبلوماسية أو القنصلية في
شخص السيد السفير.
أما بخصوص التبليغ لمن يسكن ببلد أجنبي تربطه مع المغرب اتفاقية للتعاون
القضائي فإنه ينبغي أن يتم وفق ما تقضي به هذه الاتفاقية، وقد صدرت عن
وزارة العدل مديرية الشؤون المدنية عدة دوريات في الموضوع حددت الطرق و
القنوات الواجب إتباعها في عملية تبليغ الطيات القضائية لأصحابها المقيمين
بالخارج تطبيقا لمقتضيات الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين المغرب وعدد من
الدول الأوربية.
سابعا:التبليغ الالكتروني.

 

ولتفعيل مسطرة التبليغ القضائي في إطار مسلسل التحديث الذي يسعى الجميع إلى
العمل على ترجمة العديد من الأفكار و التصورات على ارض الواقع, و بما إن
مسالة التحديث أصبحت مرتبطة بعالم التكنولوجيا و المعلوميات, و نظرا لما
عرفته الدول الصناعية المتقدمة من سبق في هذا الميدان جاء نتيجة لتعميم
المعلوميات و التواصل عبر شبكة الانترنيت, و بما أن الأمر لا يتوقف على
الجانب العملي كما يعتقد البعض, بل لا بد من التفكير في الجانب القانوني و
تدخل المشرع, طبعا لإضفاء طابع الشرعية على التبليغ الالكتروني, و ذلك
باعتباره من طرق التبليغ القانونية إلى جانب الطرق السابق شرحها و محاولة
تحليلها. و تدخل المشرع في هذا الباب قد يحقق عدة فوائد و منها حماية
المعلومات المتعلقة بالأشخاص المبلغ إليهم, و ذلك بالتمييز بين ما هو شخصي و
ما هو عام و من حق المواطنين الاطلاع عليه, و لا يمكن تحقيق ذلك إلا من
خلال التراكمات المعرفية و العلمية و منها مثلا العمل على معالجة موضوع
التوقيع الالكتروني من الناحية التقنية و القانونية, لأنه بدون ذلك لا يمكن
أن نتصور نجاح عملية التبليغ بواسطة الوسائل التكنولوجية
كما تجدر الإشارة إلى أن تبادل الوثائق و الرسائل بواسطة الشبكات
الالكترونية و عبر الانترنيت , قد اثبت نجاعته و فعاليته في هذا العصر الذي
أصبح عصر المعلوميات بامتياز, نظرا لسهولة و سرعة تداول المعلومات
بالإضافة إلى ضمان الأمن و الضبط, و هذا الأمر لا يخص التبليغ القضائي فقط
بل أصبح يشمل
جميع الأنشطة التجارية و المدنية و الضريبية و غيرها.
لكن موضوع إثبات التوصل أو التسليم بواسطة التوقيع الالكتروني, لا بد
لتحقيقه من الاعتراف القانوني بالتبليغ الالكتروني, و من الطرق المستعملة
أو المعمول بها غالبا التوقيع بواسطة الرموز التي توجه عبرالوسائل و الطرق
الالكترونية و لا يمكن أن يباشر ذلك إلا عبر المفتاح الخاص الذي لا يعرفه
إلا المعني بالأمر و المفتاح العام الذي يعرفه باقي المستعملين لتوجيه
الرسائل و الوثائق الرقمية .

إقرأ المزيد  شهر قرار نزع الملكية في التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

المرجوا إلغاء مانع الإعلانات لتتمكن من مشاهدة المحتوى