الحق في الحصول على المعلومة ''اكسجين الديمقراطية ''

الحق في الحصول على المعلومة ”اكسجين الديمقراطية ”

عماد اشنيول
طالب باحث بسلك الماستر

يعتبر الحق في الحصول على المعلومة أحد المكتسبات
المستجدة في الحقل القانوني والحقوقي بالمغرب، التي اقرها الدستور المغربي لسنة
2011 بحيث تنص
الفقرة الأولى من المادة
27 منه على انه ‘‘للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات
الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام
المرفق العام ”
.
فحق الحصول على المعلومة يشكل مدخلا أساسيا للإصلاح
ومكافحة الفساد، وضمان الشفافية، والحكامة، في التسيير، والتدبير، ذلك على اعتباره
أحد حقوق الانسان الأساسية المرتبطة أساسا بحرية الراي والتعبير.

لقد جاء التنصيص على حق الحصول على المعلومة كحق دستوري
انسجاما مع الإعلان الصريح للمشرع المغربي بالتزام المملكة المغربية بما تقضي به
المواثيق الدولية، وجعل الاتفاقيات الدولية تسمو فور نشرها على التشريع الوطني.
ان الحق في الحصول على المعلومة كأكسجين الديمقراطية قد جرى تأطيره في مجموعة من المواثيق الدولية، ويوجد
على هرم هذه المواثيق الدولية الإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة
1945 بحيث نجده
ينص في الفصل
19 منه ”لكل شخص حق التمتع بحرية التعبير والراي ويشمل هذا الحق
حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة وفي التماس الانباء والأفكار وتلقيها ونقلها
الى الاخرين باي وسيلة ودونما اعتبار للحدود ‘‘وهذا ما تبنته الفقرة الثانية من
الفصل
19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 كما تم التنصيص عليه
أيضا في العديد من المواثيق الإقليمية كالميثاق الافريقي لحقوق الانسان
والشعوب(المادة
9 منه ) ،والميثاق
العربي لحقوق الانسان، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القصري


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
يشكل القانون 31.13 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 21 مارس،2018 ثورة تشريعية هامة تساهم في ترسيخ دولة الحق والقانون،
وكذا تقوية الصرح الاجتماعي وتعزيز اللبنات القانونية التي ينهجها المغرب لترسيخ
الديمقراطية وضمان المصداقية في تدبير الشأن العام
. ويأتي هذا القانون لتحديد مجال تطبيق الحق في الحصول على
المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العامة والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة
بمهام المرفق العام وشروط ومسطرة ممارسة هذا الحق
.
يتيح قانون الحق في الحصول على المعلومة للمواطنات
والمواطنين طلب الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية فهو حق،
انساني ،طبيعي، للفرد على المؤسسات المعنية ،ولقد عرف قانون
31.13” المعلومات ”على انها مجموعة من المعطيات
و الإحصائيات المعبر عنها في شكل أرقام أو رسوم أو صور أو تسجيل سمعي بصري أو أي شكل
أخر، و المضمنة في وثائق و مستندات وتقارير
، ودراسات ،ودوريات ،ومناشير ومذكرات، وقواعد البيانات وغيرها من الوثائق ذات طابع
عام التي تنتجها أو تتواصل بها الهيئات المعنية في إطار مهام المرفق العام كيفما كانت
الدعامة الموجودة فيها، ورقية أو إلكترونية أو غيرها
.
 هذا ، ولقد أحاط مشرع الحق في المعلومة من خلال القانون 13.31 إجراءات الحصول
على المعلومات  بمقتضيات إجرائية مفروضة على الإدارة، بحيث يستطيع من خلالها
العموم معرفة ما تقوم به الإدارة وتكفل للمواطن الحق في المعرفة وفهم ومراقبة
وتقييم قراراتها، وتتوزع هذه الآليات في الإجراءات الشكلية لتقديم الطلب والآجال
الزمنية للإجابة على الطلب ثم الكلفة
،
ذلك أنه يتم الحصول على المعلومة بناء على طلب يقدمه
المعني بالأمر وفق نموذج تعده اللجنة المكلفة بإعمال الحق في الحصول على
المعلومات، يتضمن الاسم الشخصي 
, والعائلي لصاحب الطلب,  وعنوانه الشخصي, ورقم تعريفه الوطنية، أو
بالنسبة للأجانب رقم الوثيقة التي تثبت الإقامة بصفة قانونية طبقا للتشريع الجاري
به العم
ل، وعند الاقتضاء، عنوانه الإلكتروني، والمعلومات التي يرغب في الحصول
عليها، مع ذكر مبررات تقديم الطلب، حيث يوجه الطلب إلى رئيس الهيئة المعنية عن طريق
الإيداع المباشر مقابل وصل أو عن طريق البريد العادي أو الإلكتروني مقابل إشعار
بالتوصل
.
هكذا، فإن الإدارة يقع على عاتقها الإجابة على طلب المعلومة وتقديمها
إلى طالبيها داخل الأجل القانوني المقرر، والذي حدده المشرع في 20 يوما من أيام
العمل الفعلية من تاريخ تسلم الطلب حسب مقتضيات المادة 16 من القانون 13.31، ويمكن
تمديد هذا الأجل ولمدة مساوية لها متى لم تتمكن المؤسسة أو الهيئة المعنية من
الاستجابة جزئيا أو كليا لطلب الراغب في الإعلام
.
مقابل اشعار المعني بالأمر بذلك كتابة او عن طريق البريد الالكتروني اما في
الحالات المستعجلة والتي يكون فيها الحصول على المعلومة ضروريا لحماية حياة حرية
الأشخاص وسلامته فلقد افرد المشرع لها اجل
3 أيام.
هذا، ويحق لصاحب الطلب في حالة
رفض طلبه تقديم شكاية لرئيس المؤسسة في غضون
20 يوما عمل ابتداء من يوم انتهاء الاجل
القانوني المحدد للرد على الطلب او من تاريخ التوصل بالرد
,كما خول  له القانون  أيضا تقديم شكاية امام لجنة الحق في الحصول على
المعلومة
 داخل أجل 30 يوما بعد انصرام الأجل القانوني المخصص للرد على الشكاية
الموجهة لرئيس المؤسسة، أو من تاريخ التوصل بالرد، ويتعين على اللجنة دراسة
الشكاية وإخبار المعني بالأمر بمآلها داخل أجل 30 يوما من تاريخ التوصل
 مع العلم أن المشرع أجاز توجيه الشكاية عبر البريد المضمون أو البريد
الإلكتروني مقابل إشعار بالتوصل
.
إلى جانب ذلك، يبقى من حق صاحب الطالب الطعن أمام المحاكم الإدارية
المختصة في قرار رئيس المؤسسة، أو الهيئة المشار لها في المادة 19 أعلاه، داخل أجل
60 يوما من تاريخ التوصل بجواب اللجنة المكلفة بالحق في المعلومة بشأن شكايته، أو
من تاريخ انصرام الأجل القانوني المخصص للرد على الشكاية
.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اما بخصوص تكاليف الحصول على المعلومة، فالأصل
انها مجانية لكن في بعض الحالات الاستثنائية يلزم صاحب الطلب ببعض التكاليف كحالة
طلبه للعديد من النسخ للوثائق التي يحتاجها.
لقد نص قانون الحق في الحصول على المعلومة على
مجموعة من الاستثناءات المتعلقة أساسا، طبقا لمقتضيات المادة
7
منه والفصل
27 من دستور 2011 بالدفاع الوطني وبأمن الدولة الداخلي
والخارجي والمتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد او تلك التي تكتسي طابع معطيات شخصية
المشمولة بطابع السرية بمقتضى النصوص التشريعية الجاري بها العمل.
.
مما يخلق إشكالية الحفاظ على التوازن بين حق الحصول على المعلومة كحق دستوري من
جهة،
وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من جهة اخرى لان
تحقيق هذا التوازن، هو مناط تحقيق الديمقراطية.
 ان
الحق في الحصول على المعلومة كرهان من الرهانات الأساسية لدولة الحق والقانون
،
قد خول للأشخاص المكلفين بموجب
المادة
12منه مجموعة من الضمانات القانونية خصوصا اعفائهم من كل
مسؤولية جنائية في هذا الصدد، لكن على الرغم من ذلك فان المشرع المغربي لم يواكب
ذلك بتعديل نصوص القانون الجنائي خاصة الفصل
466 بالتنصيص صراحة على اعفاء الأشخاص المشار إليهم
في المادة
12 من المسؤولية الجنائية.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ولقد أكد القانون الجديد، على الزامية المؤسسات والهيئات
المعنية بالنشر الاستباقي، محددا في المادة العاشرة من الباب الثالث تدابير هذا
الاجراء بحيث نص على قيام كل مؤسسة في حدود اختصاصها بالعمل على نشر الحد الأدنى
من المعلومات التي في حوزتها من تلقاء نفسها ودون الحاجة الى تقديم طلبات في
الموضوع
بجميع وسائل النشر المتاحة.
اما بخصوص لجنة الحق في الحصول على المعلومة فتتكون من
الرئيس، رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وكذا
9 أعضاء،
اثنين منهم يمثلان الادارات العمومية يعينهما السيد رئيس الحكومة، وعضو اخر يعينه
رئيس مجلس النواب، وأخر يعينه رئيس مجلس المستشارين، بالإضافة الى ممثل الهيئة
الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، وممثل للمجلس الوطني لحقوق الانسان، وممثل
مؤسسة الوسيط، وعضو ممثل لمؤسسة أرشيف المغرب، وممثل عن احدى الجمعيات العاملة في المجال.
وتدوم عضوية هذا المجلس لمدة
5سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
حدد القانون مهام هذه اللجنة في السهر على ضمان حسن
ممارسة الحق في الحصول على المعلومات وتقديم الاستشارة والخبرة وتلقي الشكايات
وكذا تسهيل الحصول على المعلومات وإصدار توصيات واقتراحات لتحسين جودة المساطر القانونية.
يشكل قانون الحق في الحصول على المعلومة 13.31 تنزيلا
فعليا لمقتضيات دستور
2011 وتعبيرا صريحا عن إرادة تشريعية تستجيب لحاجيات المواطن في علاقته
بالإدارة المغربية، فهو بمثابة محطة أساسية لترسيخ دولة الحق في القانون، وعاملا
أساسيا لتحقيق الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

إقرأ المزيد  دور المجتمع المدني في بلورة السياسات العمومية الترابية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

المرجوا إلغاء مانع الإعلانات لتتمكن من مشاهدة المحتوى