المطلب الاول : الأديان وحقوق الإنسان
ربما يصح القول أن الجوهر العميق للسعي الإنساني في هذه الحياة منذ البدايات الأولى الى إلعهد الحالي، هو الوصول إلى الاقتناع التام بأنه يتمتع بجميع حقوقه، لكن هذه الحقوق تتطور بتطور الزمن، وتغير المجتمعات، والتصورات الإنسانية، وبالتالي تظهر أهداف ومساعي جديدة لبني الإنسان، ولذلك كلما تزايدت نسبة التطور الاجتماعي والانساني كلما أحس الإنسان بالحاجة إلى حقوق جديدة تتلاءم مع حاضره ومستقبله. وفي هذه المرحلة يخرج المجتمع باحثا عن حقوقه مما يؤدي عادة إلى نشوب الثورات، ففي هذه الثورات ضحى المجتمع بدماء أبنائه دون توقف ولا خوف من المعارضين لها، وذلك راجع لروح الجماعة التي تختلف كثيرا عن روح الفرد والتي تعتبر جزءا من روح هذه الجماعة، فبسبب هذه الثورات استطاع الإنسان الحصول في أخر المطاف على حقوقه، وانتقاله من مجتمع تسوده حقوق تقليدية غير كافية، إلى مجتمع حضاري يضمن له احتياجات زمانه.
فلا يجب أن ننسى دور الديان سواء السماوية منها أو الوضعية في تنوير العقل البشري وتطوير أفكاره، وتصوراته لتجعله يغير مساره الذي رسمه لنفسه إلى مسار رسمه خالقه، أو قد يكون هذا المسار صاغه أحد من فصيلته من دوي العقل الفلسفي القادر على التأثير في الجماعة لدرجة تتخذه هذه الجماعة إله لها، وهنا نتحدث عن الاديان الوضعية التي صاغها العقل البشري، هذا البشر الذي بحكم تغليبه لآرائه ومساعيه الكثيرة، لم يستطع الوقوف مكفوف الأيدي أمام التشريعات السماوية التي كبلت طموحاته الدنيوية. ولذلك لم تسلم هذه التشريعات من أيديه التي حرفت كلام الله لتجعله ينتقل من مسار الرب إلى مسار الجماعة عوض العكس.
فهذا التأثير المباشر للأديان على المجتمعات هو الذي جعلنا اليوم نقول هذا مجتمع إسلامي، وهذا هندوسي، وهذا مسيحي.
الفقرة الاولى : الشرائع السماوية وحقوق الإنسان
لقد لعبت الأديان السماوية دورا هاما في التأسيس لمبادئ حقوق الإنسان رغم الاختلافات الحاصلة بينها، نظرا لتدخل اليد البشرية في تحريف الكلام عن موضعه لاعتبارات عديدة ومتباينة؛ فنظرا لإيماننا القوي بالدين الإسلامي، وتأكدنا الجازم بأصالة هذا الدين الذي حفظه الله تعالى، سوف نتطرق إلى دوره في النهوض بحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت لن نغفل دور اليهودية، والمسيحية في النهوض بهذه الحقوق؛ ففي إطار الموضوعية والحيادية التي يقوم عليها البحث العلمي، ونظرا لوجود نسبة كبيرة من الناس في العالم يؤمنون بأصالة هذه الأديان، يتحتم علينا أن نعاملها بموضوعية، لكن في نفس الوقت سوف نقف على إسهاماتها في بلورة حقوق الانسان.
فالدين الإسلامي-سواء من خلال القرآن الكريم او السنة النبوية- يتجلى لنا أنه اهتم بشكل كبير جدا بمختلف حقوق الإنسان بكلياتها وجزئياتها، وذلك بنهوضه بهذه الحقوق في زمن انتهكت فيه لحد زوالها؛ فتأملنا الشمولي والعميق لحقوق الإنسان التي تطرق لها الإسلام، يجعلنا ندرك أن مختلف التطورات الدولية لحقوق الإنسان منذ الإعلان عنها إلى حدود اليوم، لم تصل بعد إلى ذلك الكمال والشمولية اللذين نراهما في نظرة الإسلام لهذه الحقوق، ولعل ذلك راجع الى عجز العقل البشري عن الوصول إلى الكمال الإلهي.
فنظرا لعدم قدرتنا على الوقوف على جميع الحقوق التي تطرق إليها الإسلام سوف، نكتفي بالإشارة إلى بعضها التي تتسم بسموها على الباقية.
وبالرجوع إلى القرآن الكريم كمصدر أساسي للشريعة الإسلامية والسنة النبوية، نلاحظ أنهما يعالجان منظومة حقوق الإنسان، التي سطرت اليوم في مواثيقنا الدولية ودساتيرنا الوطنية.
على سبيل المثال نجد القرآن الكريم ينص على الحق في الحياة من خلال تحريم قتل النفس في قوله تعالى -وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا-1 وكدا فرض جزاء على كل من قتلها.
أما بخصوص حقوق الأطفال فنستشف أن القرآن الكريم قد حرم قتل الأطفال من خلال قوله تعالى -وَ لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا-2 وبالرجوع إلى السنة النبوية نلاحظ كيف كان النبي ﷺ يتعامل مع الأطفال نظرا لكون السيرة النبوية هي التي تعطينا النهج الحقيقي لما جاء في القرآن الكريم.
دعونا نرى الآن المساواة التي تعتبر من أهم الحقوق الإنسانية التي شهدت إنتهاكا من طرف الشعوب على مر التاريخ نظرا للأنظمة السائدة في ذلك الزمان، ونظرا كذلك للاصطدام بين مصالح الأفراد أو الجماعات فيما بينها، فقد أشار اليها الإسلام ونظمها من خلال تحريمه الرق، وإقراره المساواة بين الأفراد في حقوقهم، وواجباتهم داخل الدولة الإسلامية، بحيث لا يخاطب الإسلام أمته فقط، بل حتى الأغيار الذين يقطنون داخل الدولة الإسلامية، لذلك نجد السور المدنية يأتي فيها -يا أيها الناس – عوض- يا أيها الذين آمنو- مما يجعلنا نعي بمدى اهتمام الإسلام بالدولة الإسلامية من خلال الإشارة إلى مجموعة من الأمور المرتبطة بحقوق الفرد داخل الدولة، سواء كان هذا الفرد مسلما أو غير مسلم.
وسنستحضر في هذا الصدد الخطبة الشهيرة المسماة حجة الوداع التي ألقاها الرسول ﷺ يوم عرفة 10 هجرية على الناس3، هذه الخطبة أعتبرها مرجعا أساسيا لحقوق الإنسان، فقد تم نشرها بتصريح من العهد الدولي لحقوق الإنسان بجامعة دي-بول شيكاغو، لأنها ليست خطبة موجهة للأمة الإسلامية فحسب، بل للبشرية جمعاء. وهذا يمكن أن نعرفه من خلال دراسة عمق هذه الخطبة لنرى مدى اهتمام الإسلام بمنظومة حقوق الإنسان ومبادئها، بحيث سوت بين المسلم والغير المسلم في حقوقهم وواجباتهم داخل الدولة الإسلامية، وكدا تكريم المرأة وإنصافها مع الرجل، واعطائها الحرية في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية، بعدما كانت هذه المرأة ينظر اليها بصورة أخرى تنقص من كرامتها، ونلاحظ هذه النظرة المحتقرة غير العادلة مع الأديان السماوية الأخرى كاليهودية التي احتقرت المرأة كما سنرى فيما بعد.
عموما، فالشريعة الإسلامية نقلت الإنسان من مرحلة الجهل بحقوقه والاقتصار على التفكير الضيق القائم على الاهتمام بأمور ضيقة كالمصالح القبيلة، إلى مرحلة الرقي المتسمة بكونها أولت الاهتمام للقضايا الكبرى ذات الطابع الشمولي، وذلك راجع إلى أن هذا الدين هو دين للعالمين وليس لجماعة معينة، فما أشرنا إليه من بعض الحقوق ليست إلا تلميحات من القرآن الكريم والسنة النبوية، علما ان هذا الدين أشار إلى جميع حقوق الإنسان. ولعل ما أشرنا إليه لحد الآن لا يعتبر إلا استفزازا للقارئ لتوليد رغبة البحث والتقصي، لمعرفة الكم الهائل الذي قدمه هذا الدين الجليل للإنسانية من خلال خلقه منظومة حقوقية شاملة.
أما بالنسبة لليهودية فلا تختلف كثيرا على ما جاء في القرآن الكريمإلاا في بعض الأمور، فلا عجب أن نقول أن هذا الاختلاف راجع إلى كون الثوراة حرفت من لدن الأيدي البشرية، على غرار ما جاء في القرآن الكريم من آيات تبين بعض الاختلافات بين اليهودية والإسلام من حيث التشريع، لكن لا يهمنا نحن هذا الأمر بقدر ما يهمنا الوقوف عند نظرة هذا الدين إلى حقوق الإنسان وإسهاماته في بلورتها والنهوض بها. وكما رأينا سابقا أن الدين الإسلامي حرم قتل النفس وأمر بالحفاظ عليها وفرض جزاء على من قتلها، فحتى اليهودية حرمت قتلها ويتضح لنا ذلك في ما جاء في التوراة – وإذا أمات أحد إنسانا فإنه يقتل ومن أمات بهيمة يعوض عنها نفسا بنفس-4 فهذه الآية تبين لنا أن الثوراة تدعو إلى حفظ النفس من جهة، وتحقيق العدل بين اليهوديين من جهة ثانية. صحيح أن اليهودية نادت بالعدل وحفظ الملكية والمساواة وجل الحقوق الأخرى، لكن المشكلة أن اليهودي ينظر إلى الغير على أنه حيوان يسير على الأرض لا يحق له أن يتساوى مع اليهودي في الحقوق، وهذا ما جعل اليهودي الصهيوني لا يبالي إن قتل مسلما بغير حق، لأنه يرى فيه مجرد حيوان لا أكثر من ذلك، وهذا ما جاء في التلمود، وقد جاء في هذا الكتاب-أي التلمود- كذلك أن الله أمر بنهب أموال المسيحية وبالتالي فإن اليهودية لا تحترم ملكية الغير ولا تبالي إن نهبتها، بل ترى في ذلك حقا لها و ضرورة دينية، ولهذا تكون قد أغفلت حقا أخر من الحقوق السامية من حقوق الإنسان.
أما بالنسبة للمرأة فقد حكمت عليها الثوراة في سفر الجامعة التي جاء فيها ما يلي –المرأة التي هي شباك، وقلبها اشراك، ويدها قيود.-5
لكن رغم هذا الحكم الذي احتقر المرأة ومختلف الأحكام الأخرى التي نقصت من قيمتها كإنسان وجعلتها في خدمة الرجل، إلا أن الإجتهادات المعاصرة حاولت تصحيح بعض الأخطاء التي كانت في العصور الوسطى وجعلت المرأة تتمتع ببعض حقوقها التي لم تكن تتمتع بها من قبل في ظل العقيدة الثوراتية، والمسيحية على حد سواء، لكن هذا لا يعني رقي هذه المرأة وجعلها في مستوى نكون قانعين فيه بأنها تتمتع بحقوقها الجوهرية والحقيقية بمنأى عن كل الاعتبارات، فمازال المجتمع المعاصر-الأمريكي والأوربي مثلا-ينظر إلى المرأة على أنها مجرد بضاعة تستهلك لأغراض جنسية أو لحملات إعلامية وإشهارية دون رد أدنى اعتبار لروح هذه المرأة وعقلها و كرامتها، بل العكس من ذلك ينظر إليها الغرب كجسد وليس كروح وكعقل.
فالمسيحية رغم افتقار إنجيلها للتشريع نوعا ما إلا أن موقف الكنيسة عن المرأة يعد أفضل من موقف اليهودية ويتضح لنا ذلك في قول بعض القديسين أن الرب أوصى بحب المرأة كما يحب المسيحي الكنيسة، وهذا يبين أن كلما اشتدت عقيدة المسيحية في نفوس المسيحيين كلما سيكون ذلك سبب في تلاحم العلاقة بين المرأة والرجل.
أما بخصوص الرق الذي قلنا فيه أن الإسلام حرمه وأقر المساواة بين الناس، فمع المسيحية نرى أن القديس “توما الأكويني” حبذه ولم يعترضه وذهب إلى ما ذهب إليه أرسطو الذي اعتبر الرق حالة من الحالات التي يخلق عليها البشر6، وهذا غير صحيح، ولا يقبله العقل المنطقي في عصرنا الحالي. فعموما رغم تطور المسيحية وظهور رؤيا جديدة مناقضة للرؤيا التقليدية،إلا أنه مع ما شهده تاريخها من توترات لم تعد المسيحية تفرض عقيدتها بقوة خصوصا أمام الفصل بينها وبين السلطة الزمنية مما يفتح المجال للفلسفات الوضعية لحلول محل العقيدة الدينية في مجال تحديد القيم والأخلاق.
أخيرا يمكن القول أن الأديان السماوية ساهمت بشكل أو بآخر في النهوض بحقوق الإنسان، وتغيير النظرة إلى هذه الحقوق على الشكل الذي كانت عليه سابقا قبل ظهور هذه الديانات، فرغم الاختلافات التي توجد بينها إلا أنها تتشارك في مجموعة من الأمور المتعلقة بالمجتمع عامة، فما تطرقنا اليه ليس الى تلميح الى ما كانت عليه هذه الاديان في ظل ما كان سائدا في وقت من الأوقات، أما في العصر الحالي، فقد ساهمت العلاقات الدولية التي تطورت بشكل كبير جدا، وكدا تطور حقوق الإنسان إلى خلق نوع من التسامح بين هذه الأديان بل أكثر من ذلك تعاونها للنهوض بحقوق الإنسان، وهذا يطرح لنا اشكالات أخرى تحول بين التحفظ والانفتاح، واشكالات أخرى مرتبطة بتباين القيم والثقافات.
إقرأ أيضا : الضمانات الدستورية للحقوق والحريات أي دور للقضاء؟
الفقرة الثانية : الفلسفة البوذية والهندوسية
كلنا نعرف أن هناك الكثير من الأديان الوضعية التي يؤمن بها العديد من البشر خصوصا في القارة الأسيوية، فعندما نرجع إلى أصل هذه الأديان نجدها عبارة عن مذاهب فلسفية صاغها أناس قادرين على صياغة قوانين وعقائد تتصف بطابعها الكلي الذي يغطي مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، فهذه القدرة اكتسبوها عن طريق خيالهم الواسع الذي حاولوا اخراجه من الحلم إلى الواقع، فكما تخيل أفلاطون المدينة الفاضلة باستطاعة هؤلاء ان يتخيلوا الدين الفاضل، فكلاهما يشتركان في الخيال الواسع والقدرة على صياغة هذا الخيال وجعله واقعي عن طريق ابتكار قواعد تسمح بذلك، لكن الغريب في الأمر أن هذه الأديان لا تمت لحقوق الانسان بصلة ورغم ذلك يؤمن بها عدد هائل من البشرية، ويخضعون لقوانينها التي تكون عادة غير عادلة ، فربما السبب في ذلك كون فطرتهم انسجمت مع المحيط الديني الذي يعيشون فيه، او بالأحرى راضين بأخلاق هذا الدين ولو اننا نحن لا نعتبر قواعد هذا الدين اخلاقية، وهذا بدوره امر عادي، لان المنظومة الاخلاقية تختلف من ثقافة الى اخرى ومن مجتمع الى آخر.
فيجب أن نشير في معرض حديثنا أن الأديان الوضعية كثيرة ومتنوعة ونحن سوف نرى في هذا البحث “الدين البوذي”و” الدين الهندوسي” فقط، لأن هذان الدينان هما من أشهر الأديان الوضعية، وهما مثالان نموذجيان لمن أراد أن يدرس فلسفة الأديان الوضعية التي شهدت انتشار واسعا خصوصا في الدول الآسيوية.
تقسم الفلسفة الهندوسية المجتمع إلى طبقات:
-طبقة الشودا : وهي الطبقة السفلية والتي تتكون غالبا من الفقراء.
-طبقة الويشا : وهي الطبقة الأعلى منها ولا يجوز للطبقة الشودا أن تنتمي إليها كما لا يجوز لطبقة الأدنى أن تنتمي إلى الطبقة الأعلى منها.
-طبقة الكر اشتريا : وهي الملك وجنوده الذين يقومون بحماية المجتمع الهندوسي.
-طبقة البراهمة : وهم الذين يحتلون قمة الهرم ويكَملون جسد الاله الراهمي.
يرى الفكر الهندوسي أنه لا يمكن للشخص أن يتزوج من الطبقة الأعلى منه، لكن يمكن له ان يتزوج من الطبقة الأدنى شريطة أن لا تكون من طبقة(الشودا)التي ليست إلا الخادمة ولا تسموا لان يتزوج منها أحد. 7
كما يرون أنه لا يمكن لأي كان أن يحاسب طبقة البراهمة لأنها ترقى إلى طبقة الآلهة ويجب أن تحترم بقدر احترام الآلهة، ويمكن لهذه الطبقة أن تكتسب المال بطرق شرعية أو غير شرعية دون معارضة أحد، وباختصار شديد لا يمكن أن نصنفها ضمن “طبقة مستبدة”.
تبادر إلى ذهني رأي “فريديريك نيتشه” وأنا أبحث في قيم هذا الدين الذي قسم المجتمع إلى طبقات، ف نيتشه يرى أن الدين صنعه الضعفاء ليستولوا على الأقوياء، فهذا الطرح الفلسفي ل نيتشه لا يسعنا القول إلا أنه ينطبق على هذا الدين. فلكي يجعل الدين الهندوسي الناس راضين بهذا الاستبداد اخترع حيلة وهي أن كل فرد من أفراد الطبقة السفلى أطاع القيم والقواعد الخاصة بطبقته، عندما يموت تنتقل روحة إلى طفل يلد في الطبقة الأعلى منه، وهكذا حتى يصل إلى الطبقة الأسمى، وعندما يموت شخص في طبقة البراهمة وهي التي توجد في قمة الهرم فإن روحه تتحد مع روح الإله البراهمي.
أما بالنسبة للبوذية فهي تنتسب إلى بوذا، فالبوذية جاءت بتعاليم كثيرة خاصة بالمساواة والحرية، وكانت بذلك بمتابه رد على الهندوسية التي قسمت المجتمع إلى طبقات؛ فبوذا سوى بين جسد الفقير وجسد الأمير، كما يرى أنه لا فرق بين روح كل منهما، وبهذا لا يسعنا القول إلا أن بوذا انطلق من فطرته السليمة التي يتفق عليها الناس جميعا، وبهذا يمكن اعتبار البوذية ساهمت في بلورة حقوق الإنسان بالقدر الذي لم تساهم به الهندوسية، لأن البوذية سوت بين المرأة و الرجل في التمتع بالعديد من الحقوق، كممارسة الشعائر الدينية كما حرمت القتل، والكذب، وشرب الخمر، والزنا، ونستشف ذلك في الوصايا العشر التي نسبت الى بوذا8.
نخلص من هذا كله أن التشابه بين القيم الدينية التي جاءت بها الأديان الوضعية هو الذي يدفعنا للقول أن هذه القيم ليست إلا حقوق إنسانية يتفق عليها العامة ولما كان الدين يحمي هذه الحقوق هذا يعني أنه يساهم في النهوض بها والحفاظ عليها وبهذا يكون له تأثير بطريقة أو بأخرى في المساهمة في الحفاظ على حقوق الإنسان ومنع المساس بها.