دور القضاء الدستوري في بناء دولة القانوت بالمغرب
مقدمة:
يعتبر القضاء الدستوري من أفضل الوسائل التي يمكن استخدامها لحماية الدستور ” ، وإلزام السلطات العامة بأحكامه، وحماية الحقوق والحريات الفردية، ويمارس هذا القضاء دورا إنشائيا يتجاوز حدود التطبيق الحرفي لنصوص الدستور ، ولقد ارتبط القضاء الدستوري – كفكرة وتطبيق من جهة بشكل وثيق بنمو وتطور حركة الدسترة الجديدة … التي تهدف إلى إخضاع أعمال السلطات لمجموعة من الضوابط القائمة داخل النص الدستوري، ومن جهة أخرى برز القضاء الدستوري “كنتيجة” متزامنة ومتوافقة مع الطفرة النوعية التي عرفتها الديمقراطية أيضاً “كعلاج مؤسساتي” ضد الأنظمة المتسمة لتعزيز وتقوية السلطة التنفيذية أكثر واستندت عملية التأسيس للرقابة الدستورية على القوانين على منطقين متباينين عكسا تجربتين تاريخيتين، فالأساس القضائي للرقابة ارتبط بالعمل الاتجاهي للمحكمة الدستورية
الأمريكية من خلال سابقة “ماربوري ضد ماديسون” في المقابل شكلت “الأبحاث النظرية للقانوني هانس كيلسن” الأساس الذي بمقتضاه تأسست الرقابة الدستورية في التجربة الأوروبية.
وإذا كان الدستور يعتبر أساساً “للشرعية” في الدولة وقمتها ، وهو بذلك أصل كل نشاط قانوني يمارس داخل الدولة، فإن “مبدأ المشروعية” يحتم إخضاع الحكام والمحكومين للقانون فالقصاء الدستوري هو الحارس الأمين لبوابة الشرعية، وهو الحامي للنظام الديمقراطي وسيادة الدستور، وهو بذلك ضمانة كبرى لتحقق دولة القانون ، وذلك بتنظيم أجهزة الدولة يمنع ويحول دون الطغيان ، ويقود إلى حماية حقوق الأفراد وحرياتهم وعدم مصادرتها “.
ويحمل اصطلاح القضاء الدستوري معنيين، أولهما عضوي أو شكلي ، والآخر موضوعي:
فمن الناحية الشكلية يقصد بالقضاء الدستوري المحكمة أو المحاكم التي خصها الدستور برقابة دستورية القوانين، أما من الناحية الموضوعية، فإنه يعني الفصل في المسائل الدستورية، وهي المسائل التي تثير فكرة تطابق القانون مع الدستور ، وبهذا المعني ينصرف الاصطلاح إلى القضاء، في هذه المسائل، سواء صدر من محكمة دستورية متخصصة أو من محكمة أخرى من المحاكم العادية أو الإدارية أو غيرها ، وذلك طالما تعلق هذا القضاء بالفصل في مسألة دستورية .
ولقد اختلفت دساتير الدول في طريقة تقنينها وترجمتها لمبدأ الرقابة الدستورية بين هيئتين : هيئة ذات طبيعة سياسية، وأخرى ذات طبيعة قضائية :
فالرقابة عن طريق الهيئة السياسية قد تمارس من طرف الشعب أو عن طريق البرلمان ، أومن طرف السلطة التنفيذية، أو من طرف هيئة سياسية خاصة .
أما الرقابة عن طريق الهيئة القضائية، فإنها تمارس من طرف هيئة قضائية مشكلة من طرف قضاة، وتمارس عن طريق دعوى الإلغاء ، أو عن طريق الدفع أو رقابة الامتناع . كما أن الرقابة القضائية قد تكون مركزية أو غير مركزية .
وتطرح الرقابة على دستورية القوانين سؤال السياق الزمني الذي يمكن أن يتحقق داخله من مدة مطابقة القانون للمقتضيات الدستورية إلى قبيلة أو بعدية .
ولقد ظل القضاء الدستوري خصوصية أمريكية طوال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين رغم عدم وجود قضاء دستوري متخصص، ولكن المحكمة الدستورية أقرت لنفسها حق رقابة دستورية القوانين منذ عام 1803، في الحكم الشهير الذي أصدره القاضي مرشال والذي سنشير إليه على نحو أكثر تفصيلا فيما بعد.
أهمية موضوع البحث:
ينص موضوع البحث على دور القضاء الدستوري في بناء دولة القانون بالمغرب، ولهذا الموضوع أهمية نظرية و أخرى عملية . وتتمثل الأهمية النظرية في حاجة مكتبة القانون العام إلى مثل هذه الدراسة، وان توفرت كتب أخرى تعالج هذا الموضوع .
وترجع الأهمية العملية في الدور الأساسي والمحوري الذي يلعبه القضاء الدستوري في مختلف التجارب الدولية وفي الحالة المغربية أيضاً في بناء دولة القانون عن طريق الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية .
أهداف البحث:
تتمثل أهداف البحث بصورة أساسية، في محاولة القيام بعمل علمي، ولو متواضع، يساعد على توضيح و بلورة النقاط المفصلية لدور الرقابة الدستورية في بناء دولة القانون وخاصة دور القضاء الدستوري المغربي، ومحاولة الوقوف على أبعاده و حدوده، والخروج برؤى وتصورات تساعد على فهم عمل القضاء الدستوري وخلفيات اجتهاده، وقد حرصنا على إبراز مجموعة من التجارب المقارنة بهذا الخصوص، وهدفنا من وراء ذلك هو إبراز الاجتهاد القضائي المقارن واضعين إياه أمام تصرف جميع المتدخلين في هذا المجال، وخاصة أمام القاضي الدستوري المغربي، حرصاً منا على ضرورة استفادته من التجارب الدولية المتقدمة والتي راكمت تجارب عديدة و اجتهادات مبدعة وخلاقة.
لتحميل الأطروحة بصيغة pdf اضغط هنا
إقرأ أيضا:1 صناعة القرار السياسي بالمغرب
اجراءات التبليغ والتنفيذ في العمل القضائي (دراسة مقارنة)pdf
الالتقائية في الحكامة المحلية الجديدة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية نموذجا
الضريبة على القيمة المضافة وفق اخر تعديلات المدونة العامة للضرائب
تعليق واحد