حدود السلطة الإدارية في تنفيذ القانون
المقـدمة
اولا:موضوع الدراسة
قد يتبادر إلى ذهن بعضهم ، إن قيام السلطة الأدارية بتنفيذ القانون يعد مشاركة في العملية التشريعية إلا أن هذا التدخل من السلطة الإدارية يكون بقوة الدستور لغرض واضح إلا وهو وضع التفاصيل الدقيقة لقواعد القانون الرئيسية بعد تشعب وتعقد وظائف الدولة من جميع النواحي السياسية
والاقتصادية والاجتماعية ، لذلك ظهرت الحاجة إلى هذه المبادرة لإدارة هذه النشاطات على وفق أن الأخذ بمبدأ الفصل المرن بين السلطات.
ومن ثم اقتضت هذه الدراسة في بيان أهمية تنفيذ القانون في تحقيق الاستقرار أولاً ، وحماية لتوقعات الافراد المشروعة ثانياً ؛ لأن هدف القانون هو وضعه موضع التطبيق لأجل الاستفادة من المزايا الممنوحة للاشخاص المخاطبين به ، إلا أنه قد يقف في وجه تنفيذ القانون عوامل عديدة غالبا
تصدر من البرلمان السلطة التشريعية ، فأغلب القوانين الصادرة من السلطة التشريعية مفتقرة للصياغة الجيدة مما أدى إلى التداخل في الأختصاصات واعتداء جهات على اخرى ، فأدى إلى صعوبة تنفيذها وبعض القوانين نظمت مواضيع جرى تنظيمها سابقاً فوقعت في خانة تضخم القوانين
وترهل بالأجهزة الإدارية فعرقلت تنفيذ القانون ، إلا إن المثير للاستغراب هو أن السلطة التنفيذية تعرقل نفاذ القوانين في بعض الاحيان ، على الرغم ما أن من واجباتها الاساسية تنفيذ القانون سواء بقصد عن طريق عدم دراسة جدوى اثر التشريع عند الأقدام على تقديم مقترح القانون أو بغير قصد عن طريق الفهم الخاطئ لنصوص القانون ، وأياً كان السبب فوجود السلطة الإدارية إلى جانب القانون أمر لا غنى عنه ، إذ تملك الأدارة وسائل عديدة لوضع القانون موضع التنفيذ منها الأنظمة والتعليمات والقرارات الفردية والتنفيذ الجبري والتي لا يلجأ إليها إلا عند الضرورة.
لذلك فتدخل السلطة الإدارية ليس من وحي إرادتها بل لوجود أسس فلسفية ودستورية وقانونية دعت الإدارة الى هذا التدخل ، إلا إنها غير مطلقة الحدود فهي مقيدة بالدستور ومبادئه واتباع الفلسفة التي تعتنقها كذلك مقيدة بالقانون ، لذلك فوسائل التنفيذ ينبغي أن لا تتعارض مع الأخيرة ، وإن غموض النص الدستوري كان السبب الأهم في الخوض في غمار هذا العنوان فاغلب الدول فرضت على الإدارة عدم جواز أن تأتي الأنظمة التنفيذية بإضافة أحكام أو تعديل وحذف نص من نصوص القانون أي الاكتفاء بالتنفيذ الضيق ، إلا إن واقع دستور جمهورية العراق ٢٠٠٥ غير واضح في هذا
الشأن ، إذ اكتفى النص الدستوري (80/ثالثاً) بـ يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الآتية :
إصدار الأنظمة والتعليمات والقرارات، بهدف تنفيذ القوانين ” من غير أي إشارة إلى إمكانية التفويض منعدمه أو بجواز تعديل احكام القانون سواء بالإضافة أو الحذف ، فضلاً عن افتقار اغلب القوانين الى تعيين ميعاد لتنفيذها فوقعت القوانين تحت رحمة السلطة الإدارية التي تهاونت وعطلت تنفيذ القوانين من غير اكتراث لحقوق الافراد التي تعلقت بهذه القوانين ، ولاسيما القوانين التي يستحيل نفاذها من غير تدخل ، لذلك كانت السلطة التقديرية للإدارة هي السائدة في مجال تنفيذ القانون من غير وجود معايير.
ولم يكن موقف القضاء في العراق حاسماً بشأن التأخر في تنفيذ القانون ، على عكس توجه القضاء في اغلب الدول ، إلا إنه كان حاسماً فيما يتعلق بالرقابة على دستورية الأنظمة التنفيذية ، وكذلك مارس القضاء الإداري دوراً بارزاً في الحفاظ مع مبدأ المشروعية وحرصاً منه على عدم وجود انظمة وتعليمات تخالف نصوص القانون التي صدرت تنفيذاً له فمارس الرقابة على كل أركان القرار سواء الداخلية أو الخارجية ، والحكم بألغاء أي نظام أو تعليمات تخالف هذه الأركان.
ثانياً: أهمية الدراسة
إن موضوع حدود السلطة الإدارية في تنفيذ القانون له أهمية كبيرة من خلال تسليط الضوء على واحده من أهم الوسائل التي تستخدمها السلطة الادارية في ممارسة الوظيفة التنفيذية ، وهذه الأهمية تبرز من خلال:
1 -بيان الأساس الفلسفي والقانوني لتدخل الأدارة في تنفيذ القانون ومدى تأثير الفلسفة التي يعتنقها الدستور في حدود هذا التدخل.
۲ –بیان مجالات تدخل الإدارة في تنفيذ القانون ومدى تأثير هذا التدخل في الحقوق والحريات.
۳ -ابراز أهمية مبدأ الوضوح عند صياغة القانون والأنظمة والتعليمات المنفذة له لاسيما ضوابط صياغتها وتحديد جهة اصدارها.
4 -بيان تأثير الامتناع عن تنفيذ القانون.
-تحديد مسؤولية الإدارة عند امتناعها عن تنفيذ القانون.
6- بيان وسائل الرقابة على مشروعية الأنظمة والتعليمات.
ثالثا : فرضية الدراسة
إن السلطة الإدارية وهي تقوم بتنفيذ القوانين إنما تمارس وظيفة حددها الدستور لها وبالتالي فإن أي إهمال أو تراخي في ممارسة هذه الوظيفة الدستورية ستؤثر سلباً وبشكل مباشر على حقوق الأفراد وحرياتهم، وبالمقابل قد يكون امتناع الإدارة عن تنفيذ القانون ناتجاً عن مخالفة القانون للبرنامج الحكومي الذي سبق وأن أقره البرلمان، ولذلك يكون تنفيذ القانون محكوماً بمجموعة موازنات تشكل المرتكز في ممارسة هذه الوظيفة من قبل الإدارة؟.
رابعاً: اشكالية الدراسة
تدور مشكلة البحث حول الأجابة عن تساؤل اساسي مفاده : ماهي الحدود التي يجب أن تتوقف عندها السلطة الأدارية وهي تمارس وظيفتها في تنفيذ القوانين ؟.
ويتفرع من هذا التساؤل أسئلة عدة منها :
1 –ما الاساس القانوني والفلسفي لتدخل الإدارة في تنفيذ القانون ؟ وماتأثير فلسفة الدستور في ذلك؟
٢ -ما وسائل تدخل الإدارة في تنفيذ القانون ؟
3 -ما أهم المجالات التي تتدخل بها الإدارة في تنفيذ القانون؟
4 -ما الضوابط الحاكمة لسلطة الإدارة في تنفيذ القانون؟
ه -هل تترتب مسؤولية على الإدارة عند امتناعها عن تنفيذ القانون ؟
6- مادور القضاء الإداري بصفته الحامي والضامن للحقوق والحريات في حالة وجود قصور في مسألة تنفيذ القانون ؟
خامساً: منهجية الدراسة
وقد اتبعنا في انجاز هذه الرسالة المنهج التحليلي من خلال تحليل ما أورده المشرع من نصوص وكذلك احكام القضاء وآراء الفقه التي تتعلق بالموضوع مع بيان الرأي الراجح عند اللزوم ، كما استعنا بالمنهج المقارن في كل من فرنسا ومصر.
سادساً : خطة الدراسة
ارتأينا أن نقسم دراسة هذا الموضوع على فصلين :
الفصل الاول تحت عنوان فكرة تنفيذ القانون من قبل الادارة ، وذلك من خلال تقسيمه على ثلاثة مباحث تناولت في المبحث الاول : التعريف بتنفيذ القانون ، أما المبحث الثاني : الاساس الفلسفي والقانوني لتدخل الادارة في تنفيذ القانون ، وتناولت في المبحث الثالث : حدود تدخل الادارة في تنفيذ
القانون.
أما الفصل الثاني يتناول ضوابط تدخل الإدارة في تنفيذ القانون وذلك وفق ثلاثة مباحث ، المبحث الاول : اعتماد مبدأ الوضوح عند تنفيذ القانون ، والمبحث الثاني : واجب تدخل الإدارة في تنفيذ القانون ، والمبحث الثالث : رقابة القضاء الاداري على التشريع الفرعي المنفذة للقانون
وانتهينا بخاتمة تضمنت مجموعة من الاستنتاجات والمقترحات
إقرأ أيضا:1 صناعة القرار السياسي بالمغرب
اجراءات التبليغ والتنفيذ في العمل القضائي (دراسة مقارنة)pdf
الالتقائية في الحكامة المحلية الجديدة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية نموذجا
الضريبة على القيمة المضافة وفق اخر تعديلات المدونة العامة للضرائب
3 تعليقات