التفويض الإداري في القانون الليبي دراسة تطبيقية للمرحلة الانتقالية
مقدمة
التفويض في جوهره هو إسناد للسلطة ونقل للولاية، حيث إن نجاح سير وانتظام العمل داخل السلطات والإدارات في الدولة يقوم على حسن توزيع الاختصاص بينها، ويحدد الدستور اختصاصات كل سلطة من السلطات الدستورية وفق مبدأ الفصل بين السلطات، الذي أصبح سائذا في معظم دول العالم مع الاختلاف في مدى جمود أو مرونة الفصل، وبموجب هذا المبدأ تختص السلطة التنفيذية بتنفيذ القوانين، ومباشرة الأعمال، الإدارية، والسياسية للدولة، وتقوم السلطة التشريعية بسن القوانين والرقابة على السلطة التنفيذية، وتختص السلطة القضائية بالفصل في المنازعات وفق أحكام القانون.
كما يحدد الدستور اختصاص كل سلطة من السلطات الثلاث، فالقوانين واللوائح تحدد اختصاص الإدارات والهيئات العامة، المركزية، واللامركزية، وتعتبر قواعد الاختصاص من القواعد الهامة في القانون، وتعد من النظام العام و لا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو تعديلها.
والأصل أن صاحب الاختصاص الذي أناط به الدستور أو القانون اختصاص معين أن يباشره بنفسه، حيث أن الاختصاص ليس حقا شخصيا وإنما يعتبر تكليفاً وواجباً
عليه القيام به بنفسه، وإن قصر في ذلك يترتب عليه مسؤولية، وإن قام به غيره يعتبر غير مشروع؛ لأنه ليس بذي صفة، ولكن استثناء من هذه القاعدة العامة التي يقوم عليها الاختصاص قد يجيز الدستور، أو القانون للجهة، أو الشخص المكلف باختصاص معين، أن يفوض غيره بالقيام بجزء من هذا الاختصاص، وفق قواعد.وأسس محددة، والسبب في ذلك أن المشرع في تحديده للاختصاص كان يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، ولنفس المبرر قد تتطلب المصلحة العامة قيام الشخص المختص بتفويض جزء من اختصاصه، لذلك نرى كثيرا من الدساتير والقوانين تأخذ بفكرة التفويض، سواء أكان تشريعيا حيث تكلف السلطة التشريعية السلطة التنفيذية بجزء من اختصاصاته، أو تفويضا إداريا، حيث تقوم الجهة الإدارية أو الرئيس الإداري بتكليف جهة أو شخص بجزء من اختصاصه.
وفي وقتنا الحاضر انتشر التفويض وازداد اللجوء إليه في العمل الإداري، حيث أن تطور وظيفة الدولة في العصر الحديث وقيامها بالمباشرة والإشراف على النشاطات
الاقتصادية، والاجتماعية، وإن كان بدرجات متفاوتة من دولة إلى أخرى، تبعا للنظام الذي تسير عليه، إضافة إلى التطور المستمر في كافة المجالات التكنولوجية والعلمية والفنية، وما تتطلبه من مهارات معينة، قد لا تتوفر للمسؤول الأعلى، كذلك الرغبة في تخفيف العبء عن الجهة، أو الرئيس الإداري، وفي ظل تعدد الصلاحيات أدى إلى ازدياد الاعتماد على التفويض الإداري.
أهمية الدراسة:
يعد موضوع التفويض الإداري من الموضوعات المهمة في نطاق القانون الإداري،فالتفويض من الناحية العلمية: يحقق أسلوب التنظيم الإداري في الدولة الحديثة،حيث أنه أحد الأساليب التي يمكن الاعتماد عليها في تحقيق ديمقراطية الإدارة عن طريق المشاركة في صنع القرارات الإدارية.
أما من الناحية العملية: يؤدي إلى توطيد علاقة العمل بين الرؤوساء، والمرؤوسين، ويؤدي إلى التكامل الوظيفي بينهما. والعمل كفريق واحد يسوده الإنسجام؛ يحقق
الأهداف المرجوة منه، لاسيما أن ازدياد المهمات الإدارية وتعقدها وتشعبها تجعل من المستحيل على شخص واحد مهما كان فذا وذكيا القيام بها وحده، فلا مناص له من
الاستعانة بالآخرين، والتفويض الإداري يحقق جزءا من تلك الغاية.
التحميل
التفويض الإداري في القانون الليبي دراسة تطبيقية للمرحلة الانتقالية
www.eldakira.com