الرقابة القضائية على أعمال الضبط الإداري

الضبط الإداري

الرقابة القضائية على أعمال الضبط الإداري

الرقابة القضائية على أعمال الضبط الإداري

مقدمـة
مقـدمة
تحرص النظم السياسية المعاصرة على أن تكون الدساتير هي الموضع الطبيعي للحريات، ولقد أصبحت هذه الصياغة أسلوبا شائعا درجت عليه الدساتير المعاصرة منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
من ثم فلقد اكتسبت الحريات حماية قانونية وهو ما يعبر عنها الحماية الدستورية للحريات، ويقصد بتلك الحماية أن تكون للنصوص الدستورية التي تقرر الحريات نفس القيمة
القانونية المعترف بها لسائر النصوص الدستورية، وذات موقع أسمى في سلم البناء القانوني للدولة، وبالتالي لا يجوز لأي سلطة أن تتجاوز مقتضاها مع ما يستتبع ذلك من عدم جواز تعديل القوانين إلا في إطار النصوص الدستورية.
في ظل هذه الحماية فالفرد في عصرنا الحاضر أصبح من حقه أن يتمتع بالحقوق والحريات، ولكن ليس بصفة مطلقة أو بدون ضوابط، فكل حرية أو حق إذا ما أطلق استعماله
تحول إلى فوضى تمس بحقوق وحريات الآخرين، لذلك وجب ضبط الحرية من طرف الهيئات المختصة وبالضمانات المقررة قانونا، وهذا ما يسمى “بالضبط الإداري” الذي يعتبر
وظيفة إدارية تتمثل في حماية النظام العام، وقد أسندها المشرع إلى السلطة التنفيذية بحكم طبيعتها، وما لها من القدرة العملية على التدخل السريع لحماية النظام العام، بالإضافة إلى.المهمة الموكلة لها دستوريا وهي تنفيذ القوانين، وبالتالي فممارسة نشاط الضبط الإداري هو
نتيجة طبيعية لتنفيذ القوانين التي تنص على المحافظة على النظام العام.
بناء على ذلك فإن السلطة التشريعية تعتبر المشرع الأصلي التي تصنع القوانين للنشاط.الضبطي، فحرية القيام بالشعائر الدينية، وحرية الاجتماع، والصحافة، وحرية الرأي تنظم
عادة بتشريعات يتكون منها النظام العام للحريات الفردية، وهي تعتبر قوانين ضبط، كما يوجد ضبط إداري تمارسه الهيئات الإدارية المختصة قانونا، والتي تكون مهمتها تنفيذ
القوانين بالوسائل الإدارية لصيانة النظام العام.
كما تعد ممارسة وظيفة الضبط الإداري مظهر من مظاهر السلطة العامة في فرض النظام العام بواسطة مجموعة من الامتيازات، والسلطات، التي تمارسها هيئات الضبط
الإداري بهدف الحفاظ على أمن وصحة وسكينة أفراد المجتمع.
هذا وتعتبر أعمال الضبط الإداري تدابير مانعة وقائية، وسابقة على حدوث التهديد.بإخلال بالنظام العام، ويظهر ذلك بالتصدي إلى كل ما يهدد استقراره، باتخاذ كل الإجراءات.الوقائية قبل وقوع الإخلال الفعلي به، أو حتى بعد وقوعه، إذا لم يصل إلى جريمة جزائية التي تباشر فيها وظيفة الضبط القضائي بهدف معاقبة مرتكبيها، إلا أنه في بعض الأحيان.تستمر مهمة الضبط الإداري بعد وقوع الاضطرابات، وهذا معناه أن التدابير في هذا الحالة
ليست مانعة، وإنما تأخذ أسلوب الجزاءات الإدارية كالاعتقال أو سحب الترخيص أو المصادرة.
تماشيا مع ذلك فالضبط الإداري يعد ضرورة اجتماعية، فهو عبارة عن مجموعة من.الوسائل التي تفرضها هيئات الضبط الإداري على حريات الأشخاص، أو نشاطاتهم بهدف الحفاظ على النظام العام، وتأخذ شكل لوائح تنظيمية، أو قرارات فردية، أو جزاءات إدارية، ويترتب عنها تقييد لحقوق وحريات الأشخاص بالقدر الذي يضمن إيجاد نوع من التوازن بين.متطلبات ممارسة الحقوق والحريات، ومقتضيات الحفاظ على النظام العام، وهذه الملائمة
يحددها المشرع، وتنفذها هيئات الضبط الإداري.
ومع أهمية أعمال الضبط الإداري، يبقى واضحا أن نشاط الإدارة وما تحتويه من تقييد لحريات الأشخاص سواء في الظروف العادية، أو في الظروف الاستثنائية، يعد من السلطات.البالغة الخطورة في آثارها على الحريات العامة، كما يعتبر مجال لانحراف هيئات الضبط الإداري عن هدفها المحدد، وهو المحافظة على النظام العام.
ومما لاشك فيه أن وضع الحقوق والحريات في الدولة لا يقاس بالمبادئ الأساسية أو.القواعد المنصوص عليها في الدستور أو القوانين، بقدر ما يقاس بمدى فعالية الحماية القضائية.التي تريدها الدولة وتقدمها فعلا لها، فمن المسلمات أنه كلما ازدادت واتسعت الحماية القضائية
لحقوق وحريات الأشخاص، كلما تحررت إمكانياتهم، وذلك لأن مخالفة القانون في أي مجتمع هو إهدار لمقومات الدولة والنظام العام.
ومن ثم تبرز أهمية الرقابة القضائية كضمانة لحل إشكالية التنازع بين هيئات الضبط الإداري وحقوق وحريات الأشخاص، لذلك ارتأينا دراسة موضوع الرقابة القضائية على أعمال الضبط الإداري، وذلك من خلال طرح جملة من التساؤلات

إقرأ المزيد  نحو إلكترونية الإجراءات أمام القضاء المدني

الرقابة القضائية على أعمال الضبط الإداري

التحميل

www.moufed.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

المرجوا إلغاء مانع الإعلانات لتتمكن من مشاهدة المحتوى