المنازعات الإدارية ومدى اختصاص القضاء الإداري في الفصل فيها في العراق (دراسة مقارنة في مصر وفرنسا)
المنازعات الإدارية ومدى اختصاص القضاء الإداري في الفصل فيها في العراق
المقدمة
بات لازمـاً في تنظيم الدولـة الحـديث للدولة المعاصـرة توزيـع الاختصاصات بين سلطات الدولة وفي ذات الوقت توزيع هذه الاختصاصات بالنسبة للسلطة الواحدة فيما بينها، حيث تستطيع كل جهة أن تتفرغ لإنجاز مهامها بإتقان، لكونها متخصصة بنوع من هذه الاعمال ومن ثم حشد هذه
الكفاءات والامكانيات العلمية والفنية في هذه الجهة أو تلك لتكون مختصة بنوع معين من الاعمال التي تتطلب مهارة واختصاصاً معيناً.
وفي هذا السياق لقد وجدت الدول التي تبنت نظم قضائية مزدوجة أن يكون لديها قضاء إداري متخصص في فض المنازعات الإدارية، وهذه المنازعات تتصل بالإدارة والعمل الإداري الذي يثير في كثير من الاحيان منازعات بين الاشخاص والإدارة عندما تباشر نشاطها في مواجهتهم، لذلك اصبحت من أهم مواضيع القانون الإداري الذي ينظم عمل السلطة الإدارية ويحدد أوجه نشاطها وأساليب عملها، وذلك بسبب ازدياد تدخل السلطات العامة في مختلف مجالات الحياة واقترابها في ذلك من نشاط الأفراد ترتب عليه الكثير من المشاكل والنزاعات التي تستدعى الفصل فيها تجسيداً لمبدأ المشروعية عن طريق القضاء المختص. حيـث تميزت المنازعات الإدارية بمجموعـة مـن الخصائص، حيث لا مساواة بين اطرافها من حيث الصفة القانونية والمركز القانوني والهدف فتتمتع السلطات العامة الإدارية أمام القضاء الإداري بامتيازات قانونية كثيرة بصورة تجعلها في مركز وموقف أفضل وأسمى من مركز وموقف خصومها من الاشخاص العاديين.
وبناءاً على ما تقدم نجد أن المنازعة الإدارية في النظم القضائية المزدوجة تخطى التفرقة بينها وبين المنازعة العادية بأهمية كبرى في توزيع الاختصاص بالفصل في المنازعات بين القضاء الإداري والقضاء العادي على
أساس طبيعة المنازعة هل هي (منازعة ادارية)، وبالتالي تدخل ضمن نطاق اختصاص القضاء الاداري وتطبـق بشـأنها قواعـد القانون الاداري، أم أنهـا (منازعة مدنية) تدخل ضمن نطاق اختصاص القضاء العادي، وتطبق بشأنها قواعد القانون الخاص أو القانون المدني، ومن هنا دعت الحاجة إلى تحديد معنى المنازعة والبحث عن معيار واضح ودقيق يعتمد عليه في تمييز منازعة عن أخرى، كما دعت الحاجة إلى وجود هيئة قضائية مستقلة عن الأخرى، واحدة نخص بالقضاء العادي والأخرى بالقضاء الاداري، حيث يتولى حسم
الخلافات الناشئة بين الطرفين (الادارة والافراد أو حصة الادارة مع جهة ادارية اخرى) أطلقت عليها النظم القضائية المزدوجة تسميت (مجلس الدولة) والذي بـدورة يتـولى عديـد مـن الاختصاصات منهـا، اعـداد التشريعات وصياغتها
وتمييزهـا وابـداء المشـودة القانونية في كل ما تعترضها من مشاكل قانونية، أضافة إلى ممارسة القضاء الإداري والذي يتطلب القدرة على فهم وتمحيص روابط القانون العام ورقابته لمشروعية أعمال الادارة للتحقق من عدم مخالفتها
للقانون اعمالاً لمبدأ المشروعية من خلال التزام الادارة العامة الكامل بالقانون فيمـا تصـدره من تصرفات بوصفها الملاذ الأمني للأفراد في تأمين حقوقهم وحرياتهم من تصرفات الادارة الماسة بها، هذه الأسباب دفعت المشرع في
الدول التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج إلى ايجاد هذه النوع من القضاء يكون مهمته الرقابة على اعمال الادارة وبالتالي الفصـل في المنازعات الاداريـة وتحديدها.
وبسبب تطور المنازعات الادارية وكثرتها ظهرت طرق اخرى غير قضائية لفض المنازعات الادارية، وبالرغم من أن هذه الطرق لها فائدة من الناحية العملية من خلال تخفيف الضغط عن القضاء الاداري، ولكن يبقى اللجوء الى القضاء الطريق الاهم والامثل لفض المنازعات الادارية، لأنه يمثل
الضمانة الحقيقية لحماية حقوق وحريات الافراد والتي لا غنى عنه بوجـود الطرق الأخرى.
لذا سنبحث في المنازعات الادارية أو ولاية القضاء الاداري في الفصل فيها وفقاً لما حدده القانون.
تعليق واحد