الاجتهاد القضائي الإداري

الاجتهاد القضائي الإداري

الاجتهاد القضائي الإداري

تقديم:
يعتبر موضوع دولة القانون من أهم المواضيع القانونية والسياسية والإجتماعية.والفلسفية، والتي يدور حول المركز القانوني للدولة، وأصل ومصدر السلطة فيها، التأكيد على ضرورة توفير حماية فعلية ضد أوجه تدخل الدولة في المجالات الأكثر حساسية خصوصا مجال الحقوق والحريات الأساسية للمواطن.
إلا أن هذا الموضوع ليس حديث النشأة، بل ظهر في بداية القرن الماضي في الفقه القانوني الألماني، ثم سرعان ما تبناه الفقه القانوني الفرنسي في خضم بحثه عن تأسيس نظري للقانون الإداري، حيث يساهم وصف دولة القانون في التنظير لعلاقة الدولة بالقواعد القانونية، ومدى التزامها بها.
تعرف دولة القانون، بأنها الدولة التي يسمو فيها القانون بخضوع جميع سلطاتها العمومية لسلطانه، ولا يتأتى ذلك إلا بتكريسها في نصوصها القانونية الأساسية مبدأ الشرعية، وضمان حماية سيادته، من خلال وجود نظام مؤسساتي تكون فيه السلطة العمومية خاضعة لقوة القانون، من خلال فرض احترامه بواسطة آليات رقابية مستقلة.
تعتبر مسألة الرقابة بكل صورها مسألة مهمة لفرض إحترام القانون، وأهم صور هذه الرقابة هي الرقابة القضائية التي تقوم بها مختلف الجهات القضائية، والتي تعد وسيلة
ضرورية لحماية الأشخاص لأنها تتمتع بضمانات قوية لتوفير تلك الحماية الواجبة لحقوق الأفراد وحرياتهم في مواجهة الإدارة ونفوذها.
يمارس القضاء الإداري أهم أنواع الرقابة القضائية في سبيل تعزيز وتقوية بناء دولة القانون ودعم رقابة الشرعية، بما له من قدرة على مراقبة أعمال الإدارة، وآليات الرقابة التي
يمتلكها القاضي الإداري متعددة لهذا يمكنه الحد من تعدي الإدارة وحملها على العمل في إطار الشرعية القانونية.
يعتبر أغلب فقه القانون الإداري أن غاية دولة القانون هي حماية الحقوق والحريات، لذلك فإن آليات تحقيق هذه الغاية يتم في جزء كبير منها عبر الدعاوى الإدارية، إذ ليس للقاضي الإداري أن يقوم من تلقاء نفسه بمراقبة الإدارة وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات، وإنما يكون ذلك وفقا لطلب ذوي الشأن، ويمارس وفق أوضاع وشروط يحددها القانون، فوسائل تدخل القاضي الإداري هي مجموع الدعاوى الإدارية التي ترفع إلى القضاء الإداري، والتي.تختلف حسب نوع الحق المطالب بحمايته، أو حسب سلطة القاضي الإداري في مواجهة هذه الطلبات.
إذا كانت القواعد العامة للقانون المدني تجد مصدرها الرئيسي في القانون المدني، فإن القواعد العامة للقانون الإداري تستمد مبادئها الأساسية من مقررات القضاء الإداري، فهذه القواعد الأخيرة لم توضع على يد المشرع، وإنما جاءت على يد القضاء الإداري الذي تركت له حرية ابتداع الحلول المناسبة للمنازعات التي تعرض عليه، مراعيا في ذلك الظروف والملابسات المحيطة به، ومسايرا للتطورات التي تطرأ على الأجهزة الإدارية واختصاصاتها المتزايدة، وما يصاحب ذلك من السماح لها ببعض الامتيازات التي تمكنها من أداء و ظائفها.
يعتبر القانون الإداري حديث النشأة مقارنة بفروع القانون الأخرى، وقد تكشف العصر الحديث عن نهضة فائقة وتطور ملموس لهذا القانون، و مرجع ذلك أن الفكرة التي بنيت
عليها قواعد القانون الإداري – استقلال الإدارة بقواعد قانونية متميزة – هي فكرة حديثة ظهرت بعد أن اتسعت الإدارة و تعددت أنشطتها و تنوعت اختصاصاتها على نحو يستوجب منحها مجموعة من الامتيازات تتمتع بها في ممارسة أنشطتها التي تهدف لتحقيق الصالح العام.
يعالج القانون الإداري مواضيع تتصل بالمصلحة العامة، وحسن سير وإدارة المرافق العمومية، وهو ما يتطلب معه أن تكون آلية التعامل مع هذا النشاط تتسم بقدر من المرونة،.يسمح بالتطوير والتحديث المستمر، مواكبة لتوسع تدخل الدولة، وبما يتوافق مع مستجدات الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تمر بها، وما يتناسب معها من تعامل، بخلاف ما يحتاجه القانون الخاص من ثبات واستقرار في المعاملات.
يعتبر القضاء الإداري مصدرا رئيسيا للقانون الإداري، حيث تتعدى وظيفة القاضي.الإداري مجرد تطبيق النصوص القانونية في حالة وجودها وتفسيرها في حالة غموضها إلى
تكملتها في حالة نقصها، وخلقها في حالة عدم وجودها، وذلك بإستخلاص الحلول الواجبة التطبيق على الوقائع المطروحة وابتكار المبادئ وإرساء النظريات من تلك الوقائع ومن الظروف المعاصرة للنزاع المعروض.
ولقد انعكس هذا المصدر من حيث طبيعته المتطورة على قواعد القانون الإداري فجاءت بدورها ذات طبيعة مرئة ومتطورة تستجيب لما يجري حولها من أحداث، فهي نابعة
من ظروف الحياة الواقعية وأحداثها العملية.

إقرأ المزيد  الوسيط في شرح قانون الأحوال الشخصية العراقي

التحميل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

المرجوا إلغاء مانع الإعلانات لتتمكن من مشاهدة المحتوى