مجموعة المصالح وأهمية المعرفة في صناعة القرار
مجموعة المصالح وأهمية المعرفة في صناعة القرار
تقديم
شهدت السياسة العامة كحقل معرفي أهمية بالغة من قبل الباحثين والأكاديميين من حيث تعريفها، مراحل صنعها وتحديد الفاعلين المشاركة في رسمها، وتعاظم هذا الاهتمام أيضا من قبل القادة السياسيين، بحيث زاد الانشغال لديهم بإدارة شؤون الدولة والمجتمع من جهة ومراعات التوازن في المخرجات السياسية لحماية مصالح الجماعات داخل هذا المجتمع من جهة اخرى.
إذ أن وجود نظام سياسي بمؤسساته وهياكله يتطلب تعدد القوى المختلفة، تأخذ الطابع الرسمي وغير الرسمي، والتي من بينها الجماعات التي تبحث عن تحقيق مصالحها وتمارس
نشاطها بشكل طبيعي، وهو ما يفسر لوجود هذه الجماعات في كل الدول على اختلاف طبيعة نظامها السياسي، سواء كانت نظم ديمقراطية أو شمولية، في دول متقدمة أو نامية.
وتظهر هذه التنظيمات خاصة في تلك النظم التي حرصت على وضع القوانين والتشريعات بما يضمن لها حق التجمع والتنظيم وغير ذلك، مما يسمح بالدفاع عن حريات الأفراد. حيث بالنظر لطبيعة النشاط الذي يحركها ويدفعها الى ممارسة ال َضغط على السلطات العامة، أطلق على هذه الجماعات تسمية مجموعات المصالح.
هذه الجماعات تعتبر قوة سياسية رغم أنها تنظيم اجتماعي ولكنها تحترم العمل السياسي، ويجتمع أفراده في تنظيم واحد أو عدة تنظيمات، تجمع بينها مصالح مشتركة، تهتم
بالعملية السياسية وما تتخذه الحكومات من قرارات، وتعمل على جعل هذه القرارات تخدم مصالحها.
وتظهر حاجة مجموعات المصالح في التأثير على السلطات العامة، من أجل الحصول على مكاسب معينة والتي ال تتحصل عليها من خلال اقتناع المؤسسة التي يصدر
منها القرار )السلطة التشريعية( بمطالب الجماعة وبحقها في الحصول عليها، بالأخص على أعضاء البرلمان.
وألن عملية صياغة السياسة العامة عملية مر َكبة ومرتبطة بتفاعل ديناميكي بين عدة فاعلين، ما ال يجعل من المؤسسة التشريعية الفاعل الوحيد في اتخاذ القرار لذلك، توجه مجموعات المصالح اهتمامها نحو باقي الفواعل التي لها دخل في صناعة القرار، بداية بالفواعل الرسميَة اذا كانت تمتلك قدرة عالية على اقناعها بتوجهاتها خاصة )السلطة التشريعيَة في ذلك أساليب متعَددة في حال تنجح في إقناعها مباشرة بمطالبها، وحتَى تتم َكن مجموعات المصالح من جعل هذه المطالب تدرج في جدول أعمال الحكومة يتطلب وجود خصائص تميزها عن بقية الجماعات الأخرى تؤهلها بأن تكون قوى والأكثر قدرة على جعل القرارات الحكومية تصب في صالحها ال في صالح جماعات ثانية خاصة في ظل تعدد الجماعات، ما يدخلها في تعارض وتنافس إزاء مصالح بعضها البعض. وبما أ َن القرارات التي تصدرها الحكومة تأخذ أشكال متعددة، منها صدور قرار لم يعد معمولا به من قبل أو التعديل فيه أو ايقاف العمل به، فان مجموعة المصالح توجه نشاطها إلى الحصول على إحدى هذه القرارات بحسب ما تقتضيه مصلحتها، حيث تتجه في بعض الأحيان نحو تغيير الوضع أو البقاء عليه، وقد ال تكتفي بتحقيق أهدافها بالتأثير على الفاعلين الرسميين فحسب، بل تتجه نحو القوى غير الرسميَة داخل النظام السياسي، لما لها أيضا من دور وتأثير في رسم السياسة العامة وعلى صانعي السياسة الغير الرسميين ومن هذه الفواعل نجد: وسائل العالم، الأحزاب السياسية، الرأي العام أو الجمهور، بحيث تستعمل في ذلك أيضا وسائل متعددة. ويختلف دور مجموعات المصالح في رسم السياسة العامة من نظام سياسي الى اخر ومن جماعة الى اخرى، حيث تركز كل جماعة على مجال معين، فمنها من يركز على المجال السياسي ومنها من يركز على الجانب الاقتصادي أو المهني وجماعات اخرى يتجه اهتمامها نحو قضايا انسانية أو ثقافية، بينما نجد الجماعات الدائمة النشاط في مقابلها جماعات مؤقتة تكتفي بتقديم مقترحات لصناع القرارات ثم تختفي بمجرد استجابة السلطة لمطالبها.